حسني مبارك يشعل حربا أهلية بين المصريين
لما
سُقِط في يد السفاح حسني مبارك، ولما قتل من شعبه في ثورته الأخيرة ما
يزيد عن 300 قتيل إضافة إلى مآت الجرحى، ولما هربت أسرته من مصر مخافة
الملاحقة والمحاكمة، ولما وقف الجيش في الحياد تحت طائلة لعبة خبيثة، ولما
خطب مؤخرا بنبرة التحدي للجماهير الساخطة عليه؛ ارتأى إخراج حل عبقري يمكنه
من احتواء المتظاهرين، ثم القضاء على ثورتهم فأوعز لمليشياته من رجال أمنه
ومخابراته أن يرتدوا الزي المدني ويتسلحوا بالأسلحة النارية كالقنابل
الحارقة التي ألقوا بها على المتظاهرين المعارضين لحسني مبارك والسكاكين
والسيوف والهراوات ويمتطوا الخيول والجمال مع اختلاطهم ببعض غير البوليس من
المدنيين المغرر بهم وممن هم مخدوعون، وممن يذودون بالرئيس نظرا لزوال
مصلحتهم حين زواله؛ نزل عصابته ومليشياته وكأنها مليشيات نوري المالكي إلى
ساحة التحرير بأوامر من مبارك واشتبكوا مع المتظاهرين..
إن
مجرد ذكر أن لمبارك أنصارا ـ وفعلا له أنصار من المقربين إليه وممن
مصلحتهم في نظامه ـ أقول بمجرد ذكر أن أنصاره سينزلون إلى الشارع للتظاهر
لصالحه كان عليه أن يستقيل فورا لحقن دماء المصريين لأنهم بتماسهم مع بعضهم
البعض ستحل الكارثة، وستبدأ الحرب الأهلية المصرية، هذا إذا كان أنصاره
فعلا من المدنيين وهم أقل من قليل، ولكنه أصر على أن ينزل بأمنه وبوليسيه
ومخابراته وهم يرتدون الزي المدني لقمع المتظاهرين وضربهم وقتلهم، ولم لا
وقد أطلقت عليهم قنابل المولوتوف من أسطح المنازل وأطلقت عليهم النار
وضربوا بالهراوات والسكاكين..
إن
وقاحة حسني مبارك ليس فيها أدنى ذرة من حياء، فالرجل يزعم أنه خادم مصر
وما هو إلا خادم أمريكا وإسرائيل، الرجل يزعم أنه قاتل اليهود وما هو إلا
قاتل المصريين والفلسطينيين والعراقيين..
عجبا
من أمر الجبان مبارك، عجبا من وقاحته وصفاقته، فالرجل متمسك بالسلطة
كالصبي، ولكن الصبي يفطم من أمه بعد فترة رضاع معلومة، ومنهم ـ بل أكثرهم
اليوم ـ يفطم في الأشهر الأولى لولادته نظرا للثقافة المتورمة التي انتشرت
بين نسائنا تقليدا للنساء الغربيات، هذا الرجل يجب أن يفطم، ولكن من
يفطمه؟
الأصل أن يفطمه
الجيش، ولكن الجيش لا يزال يأتمر بأمره إلى الآن، وما ادعاء العكس إلا
غباوة سياسية، فالجيش تحت قيادة الطنطاوي، والطنطاوي وزير الدفاع المصري
لحد الآن وتحت إمرة مبارك، وهو ليس حياديا ـ أي الجيش ـ، وما موقفه من
المتظاهرين إلا موقفا مدروسا قد يستمر إلى حين تنحي السفاح مبارك، وقد
يتوقف إذا نجحت الثورة وأوعز الغرب لضابط كبير في الجيش أن ينقلب على
الرئيس بإيعاز منه للأسف ـ أمريكا خاصة ـ، أقول بإيعاز غربي لأن الجيش تحت
قيادة رضعت حليب العمالة لأمريكا الطاغية، ولا يعني ذلك أن الجيش كله قد
تمرغ في الخيانة والعمالة، لا، بل هناك رجال مخلصون لشعبهم وأمتهم، ولكي
يثبتوا لنا ذلك ولجماهيرهم يجب عليهم أن يطلوا علينا بعمل مشرف ليس أدناه
إلا اعتقال حسني مبارك وعصابته وتقديمه للمحاكمة.
أما
من رجل رشيد في الجيش المصري يتولى قيادة المصريين وينتقل بهم إلى العز
والسؤدد وذلك بقطع الطريق على كل فكر وثقافة وحضارة ليست من تراثه حتى يعيد
شعبه وربما أمتعه لسابق عزها ومجدها؟؟