تُبَّع الأول وتبشيره بالنبيّ الأعظم عليه الصلاة والسلام
الحمدُ للهِ رَبِ العالمينَ والصلاةُ والسلامُ على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم.
 أما بعد، اعلموا إخوةَ الإيمان أنَّ تُبّع هو لقب لملوك اليمن أيام زمان، وكانوا عربًا وكان هناك العديد من التبابعة، وذِكْرُ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان معروفًا بين الأنبياء وكُتِبَ ذلك في الكتب القديمة، وتُبَّع الأول له قصة شيقة في تعرُّفه على النبي صلى الله عليه وسلم.
     يُحكى أَنَّهُ خَرَجَ تُبَّع الأول بجيشه الكبير من اليمن صعودًا نحو مكة المكرمة وكان معه وزيره "عماريشا" وفي الجيش مئات الألوف من الجنود والفرسان، ومائة ألف من العلماء والحكماء الذين اختارهم من البلدان، ولمّا وصل تُبَّع هذا إلى مكة وسأل عن أهلها قيل له: إنهم عُبّادُ أصنَامٍ ولهم كعبة يحبونها، فعزم في قلبه على هدمها وقَتلِ أهلها الذين لم يُرَحّبوا بقدومه، ولم يُخبر أحدًا بذلك. وفجأة أُصيب بِصُداعٍ أليمٍ وتفجّر من عينيه وأذنيه ومنخريه وفمه ماء منتن فهرب الكل من حوله من شدة نتن رائحته، فجمع له الوزير الأطباء فلم يستطيعوا الاقتراب منه ولا معالجته، فأتى في الليل أحد العلماء وأخبر الوزير أنه قد يعرف سبب علة تُبَّع ويعرف علاجه فَسُرَّ الوزير وأخذه إلى الملك واختلى به، فقال العالم: أصدقني الكلام، هل نويت لهذا البيت سوءًا؟ قال: نعم، إني نويت خرابه وقتل أهله، فقال العالِم: إن وجعك وما ابتليت به من هذا، ثم قال له: إعلم أن صاحب هذا البيت قوي جبار، وهو عالم بالخفايا والأسرار، ثم علّم هذا العالمُ الذي كان من اتباع سيدنا إبراهيم عليه السلام الملكَ دين الإسلام فآمن الملك لساعته وشفي من علته، وأكرم أهل مكة، ثم لمّا قصد المدينة المنوّرة التي كان اسمها أول الأمر يثربًا، نوى هناك أربعمائة عالم كانوا معه أن يبقوا فيها ولا يغادروها ولمّا سألهم الملك تُبَّع عن السبب في بقائهم، أخبروه أنها مهاجر نبي ءاخر الزمان واسمه محمد صلى الله عليه وسلم، ووصفوه له حسب ما ورد مع الكتب القديمة.
فبقي الملك معهم سنة لعله يدرك خروج النبيّ الكريم عليه الصلاة والسلام وبنى بالمدينة أربعمائة دارٍ لكل واحد من العلماء الذين أرادوا البقاء هناك وزوّجهم، ولما مرّ العام ولم يظهر النبي كتب كتابًا وكتب فيه أنه ءامن بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل ان يراه وأنه على دينه وأنه مؤمن بالله تعالى الذي لا شريك له ولا شبيه ولا مثيل، وختم الكتاب بالذهب وأبقاه معهم.
   وسار تُبَّع إلى الهند ومات هناك، وبقي الكتاب ينتقل من يد إلى يد حتى مرّت ألف سنة فظهر النبيّ محمد عليه الصلاة والسلام. وقيل إن الكتاب وصل إليه وهو في دار أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه.